وفقًا للمحللين الاقتصادين، فإنه بإمكان المستثمرين التغلب على حالة الركود الاقتصادي التي يعيشها العالم وحالة التضخم الحادة بالتخطيط والقليل من الحظ، ونشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرًا للمدون جيف سومر يشير به إلى أن معدل التضخم في العالم قد وصل إلى معدل غير مسبوق خلال الأشهر القليلة الماضية، ومن جهة أخرى أعلنت الحكومة الأمريكية بأن معدل الاستهلاك قد ارتفع بنسبة 9%، ويعد هذا المؤشر هو الأعلى منذ عام 1981، الأمر الذي يزيد من معدل الضغط على البنك الاحتياطي الفدرالي الذي يعمل للتخلص من حالة التضخم والركود الاقتصادي من خلال رفع سعر الفائدة وبيع السندات المالية التي تقدر قيمتها بـ 8.8 تريليون دولار وفقًا للموازنة العامة.

رؤية عميقة

يرى الكاتب إلى أن ما يقوم به الاتحاد الفدرالي لن يجدي نفعًا، فإذا تم التقليل من حدة التضخم العالمية، فإن وتيرة الاقتصاد سيغلب عليها طابع النمو البطء، الأمر الذي سيعزز من حالة الركود الاقتصادي، ويؤكد الكاتب على أن الملايين من الأشخاص ستعاني في حال حدوث حالة تباطؤ شديدة في الركود الاقتصادي، وأشار إلى أن الأيام القادمة ستكون صعبة لأولئك المستثمرين في السندات المالية والأسهم، ولكن بالقليل من التخطيط والصبر والحظ، يمكن التغلب عليها رغم أن الوضع الاقتصادي على المدى القصير غير معروف بعد.

توقعات غير صحيحة

من الجلي أن مستقبل الاقتصادي على المدى القصير ما زال مبهم، وما يتم الحديث عنه مجرد تقديرات قائمة على تخمينات وتوقعات، ويرى الكاتب بأن المستثمرين على المدى الطويل قد يكون حالهم أفضل مما هو عليه الآن، مؤكدًا على أن كل ما نشر في وسائل الإعلام حول البيانات الاقتصادية والتوقعات المالية لا يقدم أي توجيه مفيد في الوقت الحالي.

سوق الأسهم

طالما أن الوضع الاقتصادي على المدى القصير غير واضح، فبكل تأكيد إن مستقبل الأسواق المالية والسندات وأسواق الأسهم، وحتى أسواق السلع ما زالت غير واضحة، ففي الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار السلع، كالنحاس والنفط والقمح، شهدت أسواق الأسهم والسندات المالية تراجعًا كبيرًا، وفي حين أن أسعار الأسهم شهدت انتعاشه مؤخرًا جنبًا إلى جنب مع السندات المالية، فإن أسعار النفط أيضًا قد شهدت انخفاضًا مقارنة بالسعر الذي وصلت إليه قبل أسبوع.

البنك الاحتياطي الفدرالي في مأزق

يقول الكاتب بأن البنك الاحتياطي الفدرالي يعيش في مأزق حقيقي لا يحسد عليه، ويأتي ذلك بعد تقديم تفويض مزدوج من أجل مراقبة الأهداف الاقتصادية التي تمثلت في تحقيق أعلى قدر من توفير حالة استقرار للأسعار وتوفير فرص عمل، والتي أصبحت في الوقت الحالي غايات متنازع عليها، إضافة إلى أرتفاع الأسعار وتذبذبها باتت أكبر مشكلة يواجهها البنك في الوقت الحالي، وبحسب تقرير التضخم الأخير في الولايات المتحدة، فإن ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية بات أمرًا حتمي.

وكشف التقرير على أن نسبة العمالة في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي قد وصلت إلى 3.5 بالمائة، وهذا المعدل ليس بالكبير، ولكن مع النمو الاقتصادي الذي تعيشه البلاد، فإنه من المتوقع أن تندثر هذه النسبة مع مرور الوقت، ولكن ليس في الوقت الحالي.

من جهة أخرى، أعلن البنك الفدرالي عن تشديده الإجراءات المالية من أجل الحد من الطلب الكبير على الخدمات والسلع التي رفعت معدل التضخم، ويتوقع السوق المالي في الولايات المتحدة أن ترتفع أسعار الفائدة لتتجاوز الـ 3.56% نظرًا لارتفاع معدل التضخم خلال الأشهر القليلة القادمة.

كما أنه من المتوقع أن يفشل البنك الفدرالي بالقضاء على أزمة التضخم بدون تعزيز حالة ركود اقتصادية، وقد ينخفض معدل التضخم بدون أي تدخل في حال تم الوصول إلى حل جذري لسلاسل التوريد التي نجمت عن جائحة كوفيد -19 والحرب المندلعة بين روسيا وأوكرانيا، ولكن ما يمكن رؤيته اليوم هو أن البنك الاحتياطي الفدرالي لا يمتلك العديد من الخيارات، فالتضخم قضة سياسية ملتهبة، ويجب على الاحتياطي الفدرالي التغلب عليها بأي طريقة كانت دون تعزيز حالة الركود الاقتصادي الذي ما زال العالم يغشى حدوثه نظرًا لمخاطره الكبيرة على جميع الأصعدة.

ما هو أفضل حل؟

وفقًا لما تطرق إليه الكاتب، فإن الحل الأفضل يكمن بالقدر على سداد الفواتير وادخار بعض الأموال لحالات الطوارئ في الأماكن الآمنة، ويفضل حفظها في أماكن تدر على أصحابها عوائد حتى لو بسيطة، كالحسابات المصرفية، أو شراء السندات المالية، وغيرها من الخيارات الأخرى.

أما بالنسبة للمستثمرين، فالكاتب ينصح بضرورة استثمار أموالهم فيما يعرف بصناديق المؤشرات ذات التكاليف المنخفضة والمتنوعة المرتبطة بأسواق الأسهم الأمريكية بشكل كامل، إضافة إلى الاستثمار بصناديق مؤشرات السندات شيئًا فشيئًا، أما بالنسبة لأصحاب الآفاق القصيرة، فقد يحتاجون لإجراء بعض المقايضات لآن وضعهم المالي يبدو أصعب من المستثمرين.

 

في حال دخلت البلاد في حالة ركود اقتصادي طويل المدى، فقد تنهار الأسواق المالية وأسواق الأسهم لفترة طويلة، ولكي يكون المستثمرين مستعدين لمثل هذا السيناريو، عليهم الحد من تخصيص الأسهم في حال كانت هناك حاجة ملحة لاستخدام الأموال خلال الفترة القصيرة المقبلة، وعلى الرغم من أن أداء السندات لم يكن جيد في الآونة الأخيرة، إلا أن السندات تتميز بجودتها العالية وأمانها مقارنة بأسواق الأسهم، وهي الخيار الأمثل للحد من المخاطر، لذلك يحث الكاتب المستثمرين على ضرورة التنويع في الصناديق المالية وصناديق الأسهم وفقًا لحاجاتهم المالية.